ful4n 〜

دوِّن

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رحم الله أيامًا كانت المدونات فيها آلاتٍ لخط الخواطر والأفكار في صُحفها والوصل بين أصحابها. فلا خوارزميات تُغرقك في عفنها ولا أثرياءً يُملون عليك ما تكتب وما تصنع وما ترى في شابكتهم. فلو بقينا في حِلَقِنا1 ومتندياتنا لكان خيرًا لنا.

فتُصمم مدونتك كيفما أردت وتُظهرها بالمظهر الذي أحببت؛ وتُشمّر عن ساعديك لتُعدل ترميزها بما ناسبك. فلا تُلقي بالًا لمن لم يعجبه كتابك، فلا حقوقًا لك عليهم تُؤدّيها، ولا لهم عليك. وإن عَضّوك بأنياب لوحاتهم، سددت عليهم بابك ومنعتهم = حظرتهم (هذا إن لقو مكانًا للتعاليق أصلًا).

فلا مواضيع متكررة قليلة الفائدة، ولا حروب وسوم ولا إعلانات وأحدوثات2 تافهة ولا ما يقتفي أثرك على الشّابكة فتُعرف، ولا «مؤثر» أحمق قليل العلم يتكلم الكلام الرديء. ولوسائل التواصل حسناتها إلا أن قبيحها أكثر ومحاقرها أكبر، فهي مفسدة للنفس وتطبع فيك الجهل.

المنصات ساقطة

كلٌّ على الشّابكة زائل وساقط.

أوَتذكر (مساحتي)؟ و أوّل أيام (المغرّد)، وكيف كان (الواجوه)3 قبل دخول العجائز والشيوخ له ونشرهم لصباحياتهم عليه؟

لابدّ من الموت على المنصّات، وإن سلمت! تغيّرت فلا تكاد تُعرف. فصار المستخدمون اليوم في يد الخوارزميات يُشكلون أفكارهم كيفما شاء أصحابها، ويحجبون عليهم بقياس باطل، والطامة أن المسلمين على منصّاتهم يعودون ويجرون وراءهم حتى بعد حظرهم بسبب كتابهم عن اليهود الصهاينة.

فدوّن في كرّاستك وكن حرًّا!

اقصص ولا تستمثل محركات البحث

مُلئت صفحات الشّابكة بترهات الأخبار والأحاديث، وفيها من الأغلاط والأوهام الكثير، والتقليد عريق في الآدميين وسليل؛ فمنظرها قبيح وتصميمها سيئ يُفسد العين. ولتصديق مقالي اكتب سؤلا بسيطًا سهلًا في محرك (گوگل) وانظر في آلاف الأسطر الفارغة بحثًا عن جوابٍ يُرضيك -ولن تجد-، فتُضيّع عليك وقتك وهي تحشر في حاسوبك مُقتفيات الأثر وتُلَمْلمُ حتحاتك وتقذف بالمنبثقات من النوافذ في وجهك.

والناس تُحب من يرفق بها ويقضي مصالحها فتركوا عناء بحثهم في المحركات وطلبوا الذكاء الاصطناعي. ولهذا ثمنه؛ فبه ستُذهب الكتابات التعليمية في الشّابكة ومعها المنطق والتفرّد.

وبسواد مستقبلها -أي الشّابكة- فالرواية والقصص ستكون من نفيسها، فميّز الأخبار واستنبط الآثار، وضمّ كل جوهر لشكله، وألّف كل نادر إلى مثله. ولا يكون هذا إلا في مدونتك بعيدًا عن منصّات الرقص والخلاف، وسيلقاك أهل المعرفة والتمييز.

جماعات لا أتباع

غاية وسائل التواصل تثبيتك على تطبيقاتها لتُخالطك بما أرادت خوارزمياتها، فتستحوذ على نفسك وتستولي عليها فتشغفها، وهذا يُذهن عقلك ويدمنها، ومدمنها كمدمن المقامرة. وذلك لأنك تصطاد الإعجابات والمتابعين بالتدافع والخلاف نكراءً وجهلًا، فتتحفز أعصابك في دماغك سعادةً، وتظل تجري وراء شعورك هذا مرارًا. فلا تواصلًا طيبًا يكون فيها.

ولا متابعين ولا أتباع في تدوين المدونات، بل جماعات وجمهرة، وأهلها أهل مودة وصِدق نية بلا تزيُّد ولا إعياء. وإن جرت بينهم الأحاديث، فبالبريد أو التعاليق القصيرة والمفيدة.

تعريف المدونات

تكتب فيها ما أردت أن تكتب من رأي وخبرة وما تهتم بتفصيله وتقسّم فيها ما أحببت من فنون وصناعات، وتقف على الأحداث والأخبار ردًّا وقبولًا. وهذا أقرب ما يكون في قنوات التلگرام ولا تراه في غيرها من المنصّات. فاملك مدونتك وفصّلها كيفما شئت واقصص.


منقول بتصرف من بطرس وميكائيل.

  1. Webring: هي مواقع مجموعة ومربوطة ببعضها مُرتّبةٌ على نفس الوجه والصفات، وغالبها تعليمي واجتماعي.

  2. Trend: بمعنى الخبر الشائع المنتشر الذي يتحدث به الناس جميعًا، وما يثير الانتباه.

  3. تعريب من تعريبات (Facebook) من مجمع اللغة العربية (الأربيد)

#تقنية