ful4n 〜

فساد المدارس

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رسالتنا توفير تعليم ذي جودة وبيئة وثقافة تعليمية محفزة لكل الفئات وبجميع مراحله ومساراته يدعمه خطة لتطوير ورفع كفاءة الكادر التعليمي عموماً والمعلمين خصوصاً وتنفيذ برامج تعليمية داعمة ومشجعة لكل من الأطفال والشباب بما فيهم الفئات الخاصة ليساهموا في تقدم ليبيا في ظل “الاقتصاد المعرفي العالمي رؤيتنا هي توفير فرص تعليمية متكافئة وعالية الجودة لجميع أفراد المجتمع ليكونوا قادرين بكل كفاءة للمساهمة في التنمية المستدامة والمشاركة الفعالة في الاقتصاد الوطني . قيمنا التحلي بالأخلاق والتميز والإبداع والانفتاح والتعلم والإتقان وتبادل الخبرات والبحث العلمي . من أجلكم وضعت كل الإمكانيات وعليكم تعقد الآمال وبكم سيكون وطننا غدا أجمل وأقوى فكونوا كما عاهدناكم عنوانا للجد والاجتهاد .

من أوّل سطر تفهم بُعدَ كلامهم عمّا نحن فيه في مدارسنا وتعليمنا؛ «توفير تعليم ذي جودة وبيئة وثقافة تعليمية محفزة» فأين بيئتهم هذه وجودتها، ولا أراها تكون بخشبة يُجلس عليها لست ساعات في اليوم لدروس لا يبالي بها الجالس -الطالب- ولا القائم -مُعلّمها-. أمّا قولهم «يدعمه خطة لتطوير ورفع كفاءة الكادر التعليمي عموماً والمعلمين خصوصاً وتنفيذ برامج تعليمية داعمة ومشجعة لكل من الأطفال والشباب بما فيهم الفئات الخاصة ليساهموا في تقدم ليبيا في ظل “الاقتصاد المعرفي العالمي» وهذه إن صحّت تسميتها «بخطة» فهي مختلّة وكادرهم خائب مقصّر، وفاقد الشيء لا يُعطيه. ولا أفهم معنى ظلّهم المذكور، فلو كان مقصدهم الوظيفة، فأكثرها لا تطلب الشهادة، والناس تكون فيها إما جزّارين وطبّاخين وبنّائيين وغيرها من الأعمال. وهذا لحاجة الناس لها فهي -أي المدرسة- تحشر فيك عدّة فنون وعلوم أغلبها لا تُطيقها وتعارض ما أنت تريده ولا أصلا أُستاذها يُحسنها وغير متبحر فيها، فتقفز بين البساتين ولا تخرج معك بزهرة واحدة، وإن أردت علمًا أو فنَّا تَعَلَّمتَه خارج أسوارها. فلا منفعة في حفظ نسب إنتاج البلدان من قمح وقطن ولا قصص الإنسان القديم الكاذبة ولا التأريخ الزائف المليء بالإستقلالات الخاوية والإنجازات المُزورة، لتأخذ شهادة آخر عامك تُثبت علمك الفارغ لتكون في وظيفة لا تأبه بها تجمع منها قوت يومك وهذا بيان قولهم في: «ليكونوا قادرين بكل كفاءة للمساهمة في التنمية المستدامة والمشاركة الفعالة في الاقتصاد الوطني». فلا تعلّمك المدارس إلا الصبر على آذاها؛ فلا خير فيها ولا في «علمها».

لا نفع للمدارس

وهذا واضح ومقسّم في التالي

مادة اللغة العربية: تتعلمها بمخالطتك من حولك سمعًا وحديثًا، وكتابة وقراءة إما في حلقة مسجد أو بعون والديك. فلا حاجة للنحو وفهم تراكيب شعر كُتب من آلاف السنين لا ينقص منك جهلك بهم

اللغة الإنكليزية: لا تعلمك المدارس اللغة الإنكليزية التي يتحدثون بها أهلها وكيف يكتبون بها، فتُدرَّس كلغة جامدة بتعابير سمجة لا روح فيها، وأغلب الأمر أن أُستاذها لا يفقه اللغة نفسها فيُحفّظك ما أمامه وتُردد خلفه ثم تكتب إجاباتك تحت اسئلته وانتهى. فلو أردت لولدك تعلمها، أعطه لعبة يتفاعل معها أو اجعله في حلقة يتحدثون فيها الإنكليزية ففي شهر سيتعلم ما لا يتعمله في سنة في المدرسة

مادة الأحياء: لا حاجة لها في يومنا، وإن أهمها الصحة ولا أذكر موضوعًا درسناه عنها. فماذا يفعل الفتى بتصانيف الحيوانات السامة وأنواع الغابات؟

حصة الرياضة: دع الفتى وستراه فوق النخل والشجر

مادة الرياضيات: يحتاج المرء في حياته الأساسيات منها فحسب، كالجمع والطرح و الضرب والتقسيم؛ وما عاداه زائد

مادة الكيمياء: كم معادلةً كيميائيةً حللتها خارج أسوار المدرسة؟

مادة الفيزياء: لِمَ تضف أرقامًا وحسابات لحركاتك ورمياتك! فلا شرحًا يلزم لفعل ما تريد

مادة الحاسوب: منهج قديم عفى عنه الزمن. وأطفال اليوم يُولدون وهاتف في أيديهم وحاسوب في دارهم، فينخرطون في أمر الحاسوب وما فيه قبل دخولهم المدرسة. ولو تبدّل المنهج في تعليمهم صُنع المواقع وإصلاح الأعطال في الأجهزة لكان أحسن وأفيد لهم من معرفة مكان قائمة «ابدأ»

مادة صورة الأرض « الجغرافيا»: يُعلّمونك الخرائط والاتجاهات وكأن إبحارك في الشهر القادم، وما أنت بفاعل. فلا يربطون بين ما يحتاجه الفتى في يومه وما يأخذه في مدرسته. وعلم الأرض والبلدان وما فيها من خيرات وأماكن، فيه متعة وترويح إلا أنه لا يكون ضروريًّا

وفيها غير هذه المواد الكثير، تكتب ما يُقال لك ولا تعمل به كحمله أسفاره. فلا علاقة بين ما يُملى عليك وما مطلوب منك؛ فتتعلم بنفسك ما تراه يُناسب طبعك وما هو مهم عندك، وتطرح ما كتبت في مزبلة.

المدارس تقطع زمانك بما لا فائدة فيه

تكون المرحلة الابتدائية والإعدادية في تسع سنين، بست ساعات في اليوم لخمسة أيام، وزد عليها واجباتك بدارك واستعداداتك لاختباراتك، وهذا كله يذهب من أعوام تقويمك وتصويرك. فيُشغلونك في سخفهم ويُطعمونك من قلة عقلهم ويقطعون زمانك بما لا فائدة فيه لا لك ولا لغيرك. وإن قلنا أن علمك الذي علمت عُشره من المدرسة، فبقدر هذا نُنقص وقتها في كامل الأسبوع، لتكون في أربع ساعات، وثلاثًا أخرى في دارك؛ فتحصد مفيدها في أقل وقت مما كانت ولا يضيع عمرك فيها.

لكنّ خواص الدولة يريدومك خادمًا حمارًا مستعبدًا عندهم ناسيًا حريتك التي ولدتك بها أمك. ولا يصير هذا إلا بالساعات الطوال في المدارس وتكرار ما كتبوه ونسيانها عامًا بعد عام. وقد قال رجل للإمام الشافعي : أوصني، فقال: (إن الله تعالى خلقك حُرًا، فكُنْ حُرًا كما خلقك).

ستنسى كلّ ما «تعلّمته» فيها

وذلك لثلاث: أنّها علم لا ينفع كما ذكرنا، وأن لا عناية لك في موادها، و آخرها دكّ دروس كثيرة في «المُقرّر»

ويبقى ما علمت في عقلك بجعله في عملك، ولا يقوى فهمك إن تركت العمل به، فيضيع ما أخذت. ويقول ابن بطال: «قال ربيعة: لا ينبغى لأحد عنده شيء من العلم أن يضيع نفسه. ومعنى قول ربيعة، أن من كان له قَبُول للعلم وفهم له، فقد لزمه من فرض طلب العلم ما لا يلزم غيره، فينبغي له أن يجتهد فيه، ولا يضيع طلبه فيضيع نفسه». ولأن ما أخذت من المدارس يبقى في كتبها ولا تكون في يومك، فينساها عقلك ما أن تنهي اختباراتك. وذلك لأنهم يعلّمونك بأضجر الطُرق وأسمج المناهج

تعرّض المدارس العلم والتعلّم

يُلقونك بكتابة ما يُقرّر عليك وتجيب اسئلة في اختبار لتنساه فيما بعد. وتكون في هذا الحال لعشرة أعوام أو أكثر فترضاه حالًا لك. وإن رضيت وأيقنت أن هذا طريق العلم فلن تهتدي لطريق غيره. وإن عافاك الله طحنهم ومازالت آخذًا بالفضول كالصغار فستتعلم ما يشغفك وتفلح فيه. ومستحيل أن تتعلم في أعوام المدرسة لضيق اليوم، فتعود لدارك بعد الظهر، ثم تتغذى وتقيل قليلًا لتحلّ واجباتك بعدها، وعقلك محروق أصلًا بما عُذّبت به في المدرسة فلا تريد نفسك حينها إلا الترويح عنها، فإن لها حقًا. فطبيعة النفس تأبى عذاب المدارس، وحتى الشرع لا يخاطِب الناس بهذا، بل يقر النقص البشري والطبيعة التي فُطر الناس عليها، فإنما هي ساعة وساعة، ولكل شرة فترة. فلو ذُهب بالمدارس ورُدّ التعلّم لما كان عليه بالسؤال والتجارب والاستكشاف بما تُحب فيما تُحب حتى النجاح، لكان حالنَا أحسن حال. وقد قال أحمد أمين في[فيض الخاطر] ما نصه: «ويظهر أن النفوس إذا نضجت تلمست الوسائل المختلفة لبروزها، وظهور عظمتها، والصوفية يقولون: صاحب الخصوصية لا بد أن يظهر يوماً ما؛ ولكن كم في العالم من شخصيات كامنة لو هيئ لها عود الثقاب لاشتعلت، ولو أتيح لها القبس لأنارت، وكم من بذرة صالحة قوية لم تجد تربتها اللائقة بها، فغلبتها على الحياة بذرة فاسدة، وكم من زهرة بدأت تتفتح فأصابتها ريح هوجاء عصفت بها - وعمل المصلحين والشخصيات القوية في كل أمة أن يستكشفوا هذه الكوامن فيقدموا لها الغذاء ويتعهدوها بالنماء»

قياس مضروب

والقياس يكون في امتحان ما أعطوك في كل موادك. ويُعلن بعضها قبل وقتها لتُعدّ له، وأخرى تأتي بغتةً = والإرهاق في كليهما أَليمك. وتُقاس إجابتك بالأرقام. وأفضلها أكبرها رقمًا؛ فيُقاس ما على الورق لا ما استُفيد. فإن غششت قدرت على أكبر الأرقام. وإن نجحت في جمعك أكبر الأرقام فتتخرج من إعداديتك وتُقبل في ثانوية معروفة في العامة بامتيازها. وهذا لا يكون إلا بطحن نفسك وحلّ اسئلة في مواضيع لا تهمك. وذهابك ووجودك في المدرسة يقطع زمانك ويُذهب وقتك فما بالك بالإعداد لكلّ الإمتحانات إن طمحت للقب «التلميذ المتفوق». وتُعيد هذا كله في ثانويتك. لتعمل بعد تخرجك في عمل لا علاقة له بكل ما درست وأعددت. وقد قال العلامة عباس العزاوي في [ذكرى أبي الثناء الألوسي]: «ومدة التحصيل ليس لها رسوب أو سقوط، فلا يسد العلم في وجه طالب مهما كانت درجة علمه منحطة؛ إذ ربما يبقى مدة قصيرة فتظهر مواهبه، أو يستمر أمداً طويلاً ولا تتبين عليه مخايل المعرفة، فيتأخر، وربما طال. ولا شأن للمدرس الأستاذ به سوى أداء واجب التعليم والتلقين، والتلقف ليس بشرط، فلا عجلة في الطلب، ولا تحديد مدة، إلا أن الأستاذ قد يحرص، فلا يفيد حرصه».

تطحن المدارس الدائع من التلاميذ

ستدرس أكثر مما تحتاج حتى وإن كنت تحسن الكتابة أو البرمجة أو الرسم وماهر في رياضة، وعليك تحمّل لعاب صراخ المعلّمين فوق هذا. فيُذهب بديعك وهمّتك. فتقضي وقتك في أمور لا نفع لها لك حتى تعود دارك وتبدأ في تعلّم ما تحب وتريد وتحسن فيه. ذلك لأن المدارس لا أدواتًا فيها لتعليم فنون العلم. وستضحى بأرقامك (انظر ما سبق) إن ركّزت فيما تُحب، لكنّك بهذا تُشبع رضاك وتزيد فرصك لاحقًا. فتعطيك المدارس «علومًا عامة» بها تطحنك وتُثبط من همّتك وعزيمتك. فيقتل الأستاذ تلميذه. وقد كان الأساتيذ يحفلون بالتلاميذ، ويسترسلون إلى حقيرهم بالأُنس والانبساط طمعًا لإصلاحه فإن العلم فضل الله -تعالى- يؤتيه من يشاء، فلا يستبعد عن أحد العطايا وإن كان خامل الذكر راقدًا في الزوايا، وفيه من الخصوصية المحتاجة إلى معلمٍ صادق، كما قال الأوائل -البصراء لجواهر النفوس-: «كنا إذا رأينا في صبي نباهة ألقينا عليه شباكَنا فلا نُخرجه إلا عالمًا».

تطحن المدارس الأساتذة كطحنها التلاميذ

يقضي أستاذك وقته ما تقضيه أنت في المدرسة، وزد عليه تعبه في ضبط ثلاثين تلميذًا بالصراخ والضرب، كل يوم. وعليه جمع انتباهك وتصحيح ذهنك الذي تبلّد وذهب بعيدًا بعد ما عانيته من حصة وراء أختها. وما كتبت في امتحانك الفارغ، سيتكفل هذا الأستاذ عناء تصحيحه ورصده، فيفعل هذا رغمًا عنه. هذا وتكليفه بكتاب لا يتقنه ولا يحسن استنباط الدرس وجمع مادته، فيكون فيكم كالتلميذ الكبير والأحسن إن اختار اتلاميذ ما أرادوا تعلّمه، وأُعطيت للأستاذ حريته لفعل ما يريد بالدرس بدلًا من مقرّر غصّب عليهما يُنسى أغلبه. فيتعلم التلميذ ما يهتم من فنون العلم ولا تنهك الأستاذ ملازمة الدروس ويتدواى مزاجه بحرية ما يفعل فتعرضك المقررات وما تُجبر على فعله الجنون والكوابيس فتصير بهلولًا فاسد النفس وألحقوكم بالبهائم لمّا حبسوك أنت وأستاذك في قفص سمّوه فصلًا. والحمد لله الذي عافانا

المدرسة ليست مدخلًا للوظيفة

تقول العامة أن المدرسة من أساسيات الوظيفة، وهذا غير الواقع. فأصحاب الشهائد في بطالة، ومن ترك المدرسة يعمل وهو في فتوته. فما تأخذه في المدرسة (وتنساه) لا يُعمل به في الوظائف. فيُعلمونك ما تعمل في الوظيفة أو تدخل دورة تدربية تُكملها ثم تتعيّن. والأحسن لك أن تُعلّم نفسك فنًا من فنون العلم الذي تُحب خيرٌ لك من أن تحبس نفسك عشر سنوات في نظام استبدادي سمّته الدولة مدرسة بهتانًا.

العمل أحسن من المدرسة

أخبرني بعضهم أن العمل «مدرسة» الكبار قاصدين تشبيههم بيها وجعلهما في كفة واحدة من العذاب. وهذا غلط. فأنت حر في اختيار وعملك ووظيفة ترغبها وقادر على أخذ إجازة إن شئت منها وعندك الحرية فيها بالكلام والتحرك. وهذا كله عكس المدرسة فليس فيها شيء من ذاك؛ فيُتحكم بك وتُقيد حريتك ولسانك ولا شيء تفعله سوى الكتابة ولا شيء لك بعذابك؛ أما العمل فتؤجر راتبًا كل شهر يرافقه شعورًا بالإنجاز. ولا حرية لك في دارك بعد خروجك من مدرستك، على عكس العامل، حتى وإن كان وقته قليل فحريته كاملة بعد عمله يفعل فيه ما يشاء؛ فيبقى عقلك حبيسَ المدرسة وإن لم تكن فيها

المدارس تقتل التفنن والتفرد

تُكبس في فصل مع ثلاثين نفرًا غيرك أكثرهم لا خير فيهم، تجلس معهم في نفس المقاعد تنتظرون دخول أستاذ وخروجه واحدًا تلو الآخر بلا كلام ولا حركة لسنين طوال. وهذا عكس ما كان في الأولين؛ فمن علائم نبوغ التلاميذ عند الأساتيذ -قديماً- مباحثة الأساتذة في الدرس، ومحاققة مقالاتهم، ومناقشة دلائلها. وأما اليوم: لا تعد المباحثة مع الأساتذة من دلائل نبوغ التلميذ؛ بل -بكل أسف!- من مطالع الجراءة في العلم، والتقدم على الأكابر، حيث يتعين على التلاميذ السماع بلا اعتراض، والقبول دون افتراض. فتَصير عبدًا له ويصير سيّدًا عليك. تكتب ما تسمع منه، ثم تترقب خوفًا أمر قيامٍ منه ليسألك فيما قال (فجهّز نفسك جيدًا يا عبد فقد يقع الاختيار عليك الحصة القادمة وتحمّل إحراجه لك بصراخه عليك أمام بقية التلاميذ). وتُحرم من إرادتك ورغباتك وتُسلب منك فطرتك في البحث للتعلم وتجنّب مَن تبغض مِن الناس وهذا كله سيعود على نفسيتك وتنزع البركة من عمرك. ‏فعقلك وروحك ونفسيتك هي وعاء، يملؤها ما تقرأ وما تسمع. فإن خالطت ما يسوءك، فالنتيجة تكون بتسميم تفكيرك، وإفساد روحك، وإتلاف نفسيتك، ولا تعجب حينها إن صرتَ حزينًا مكتئبًا.

الحاصل:

على الاستاذ أن يسمع للمتكلم من التلاميذ تواضعًا، ويتغافل عن زللهم مروءة، ويتغمد هفواتهم ساترًا، ولا تستثيره مخايل الكبر، ولا تستفزه طلعة السوء(!) لأن أعظم مهام وظيفته: الاستصلاح والترويض، يوتد أذيال التلاميذ برياض المجالس، للانتفاع بالنفائس. وقد وأورد ابن هداية الله الحسيني في [طبقات الشافعية] في ترجمة ابن العطار: «وكان يأخذ على شيخه في الدرس ؛ فقيل له في ذلك، فقال: لا يسقط الثمرة من الشجرة إلا بهز الأفنان، أو التقطف بالبنان».

ولابد من تغيير اسم «وزارة التربية والتعليم» في بلاد المسلمين إلى «وزارة الصب والبث». وقد تسمّت بالأولى بهتانًا وزورًا؛ فلا تربية صالحة فيها ولا علم خالص النفع. تصب المناهج على الطلاب صبًّا وأكثرها الرديء. فلا تُصفي المدرسة الضار قبل صبّه وأغلب ما يصب لا يستوعبه التلميذ أصلًا ولا تكون فيما ينفعه. فأنت المسؤول عن رعيتك في تربيتها وتعليمها علمًا نافعًا يكون في عمل صالحٍ فيما بعد، فاجتهد ولا تدع ما أصابك يُصيبهم ولا تكل أمرهم للمدرسة.

#مجتمع